في ذات صباح مشحون بنشاط والعمل.. وفي حوالي الساعة الثامنة والنصف دخل المستشفى عجوز يدعى العم [ زاهر ] وقد ناهز الثمانين من العمر.. لإزالة بعض الغرز من إبهامه جراء إصابة كان قد أصيبها منذ فترة ليس طويلة.. وذكر للطبيب أنه في عجلة من أمره.. ورجاه أن يفرغ من فك غرزه بأقصى سرعة لأن لديه موعدا في تمام الساعة التاسعة. قدم الطبيب له كرسياً وتحدث قليلا وهو يزيل الغرز ويهتم بجرحه.. ثم سأله عن سر استعجاله قائلا: " هل موعدك هذا الصباح زيارة عاجلة لإحدى الدوائر الحكومية للمراجعة ولذلك أنت في عجلة من أمرك " ! فأجاب العم [ زاهر ]: " أبدا.. بل سأذهب لدار الرعاية لتناول الإفطار مع زوجتي ". عقد الطبيب حاجبه مستغربا ثم سأله: " وما سبب دخول زوجك لدار الرعاية " ؟!
فأجاب العم [ زاهر ] قائلا: " هي هناك منذ فترة.. لأنها مصابة بمرض الزهايمر ( ضعف الذاكرة ) !! ومع إجابة العم [ زاهر ] الأخيرة كان الطبيب قد فرغ من إزالة الغرز والتغيير على الجرح. عاد الطبيب إلى فضول أسئلته مجددا قائلا: " وهل ستقلق زوجتك لو تأخرت عن الميعاد قليلا " ؟! فأجاب العم [ زاهر ]: " أبدا.. إنها لم تعد تعرف من أنا أصلا.. بل إنه لم يعد باستطاعتها التعرف على منذ خمس سنوات مضت ". تملك الذهول الطبيب إثر إجابة العم [ زاهر ] ثم قال ببطء: " ولازلت تذهب لتناول الإفطار معها كل صباح على الرغم من أنها لا تعرف من أنت ؟! ابتسم العم [ زاهر ] وهو يضغط على يد الطبيب وقال: " يا سيدي الطبيب إن كانت هي لا تعرف من أنا.. فأنا أعرف من هي ". صعق الطبيب من إجابة العم [ زاهر ] يقول وهو يروي هذه الحادثة: " عندها اضطررت لإخفاء دموعي إلى أن يرحل.. وقلت لنفسي: " الحمد لله الذي لم يتوفني حتى يريني انه ما زال في الدنيا أناس بهذا القدر من الوفاء ".
0 التعليقات
إرسال تعليق